تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
مقالات - جريدة المدينة - موقع الاستاذ ياسر محمد عبده يماني

التواضع سيد الأخلاق

استمعت مؤخرا الى مقابلة اذاعية لسعادة الشيخ صالح كامل رئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة مع الاعلامي حلمي نتو، وقد كان لقاءً ممتعاً تحدث فيه عن مسيرة حياته، وما مر به من مواقف مختلفة ونجاحات وإخفاقات، وكعادة سعادة الشيخ صالح كامل فإنه يفاجئنا دائما بعمق نظرته للمواضيع في بساطة شديدة، فكان مما تحدث عنه عندما سأله المحاور عن قصة نجاحه، وهل لديه النية في تسجيلها في كتاب؟ فكان الجواب مفاجئا بأنه فعلاً يجب أن يكتب كتاباً ولكن ليس عن سيرته، وليس عن نجاحاته، وإنما يريد أن يكتب كتاباً يخصصه عن إخفاقاته، وكيف أخفق في كل واحدة منها، وهل تعلَّم فعلاً من تلك الأخطاء ليحسن من أدائه أم لا؟ وهي نظرة عميقة لرجل جم التواضع يؤمن بأن الانسان يظل يتعلم الى آخر يوم في حياته.

وكان من الأشياء البارزة في المقابلة ما تطرق إليه بخصوص قرارات وزارة العمل باضافة مائتي ريال شهريا رسوماً على جميع العاملين الوافدين في المؤسسات الخاصة التي لم تستوف النصاب في نسبة السعودة، فكان له رأي حولها أعتقد أنه من الآراء التي تعمقت في أساس المشكلة، فمثل هذه القرارات صدرت لسعودة الوظائف وإيجاد مزيد من فرص العمل للسعوديين، ولكنها في حقيقة الأمر جاءت عمومية وواسعة النطاق، فبدلا من أن تصيب الهدف أخطأته وأحدثت المزيد من المشاكل.

ولمزيد من الإيضاح فإن مثل هذا الإجراء كان يجب أن يكون إجراءً دقيقاً وجراحياً للوظائف التي يمكن سعودتها لا أن نقوم بسعودة جميع الوظائف بمختلف أنواعها، فهناك من الوظائف التي لا يمكن سعودتها لظروف وأسباب كثيرة تتعلق بنقص الكفاءات في بعض المجالات المهمة، وأخرى تتعلق بخدمات أساسية نحتاجها في وطننا، فرضها وضعنا الاقتصادي الذي نعيشه من رخاء وسعة ولله الحمد.

لذلك فأنا أشارك سعادة الشيخ صالح كامل في رأيه أنه يجب أن يُعاد النظر بالكامل في مثل هذا الاجراء، وأن يكون الفعل بقدر الحاجة، وأرجو أن يصل هذا النداء لمعالي الأخ الصديق العزيز المهندس عادل فقيه وزير العمل الذي طالما أجمع الجميع على مرونته وإخلاصه وحسن تقديره للأمور، فأنا أعلم أنه لا يتعنت إذا علم أنه يستطيع أن يحسن القرار، وهو رجَّاع للحق وشخصية عملية متواضعة لا تعرف الكبر، فأتمني من الله أن يلهمه ويلهمنا الرشد، وأن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير والصالح العام.

وفي جوانب أخرى من ذلك اللقاء الممتع والشيق عرّج الحديث على موضوع القدوة ومدى أهميتها للشباب الذي يتطلع للمستقبل، وأن ما حققه الشيخ صالح كامل من نجاحات وإنجازات كثيرة جعل من الصعب جداً على الشباب أن يقتدوا به، وهدفاً بعيد المنال، فجاء جواب الرجل المكي المؤمن بأنه لا يمكن أن يكون قدوة لأحد، لأن قدوتنا جميعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فمن اقتدى به في الدين والدنيا فاز فوزاً عظيماً.

زادك الله إيمانا وحسن خلق وتواضع يا أبا عبدالله، وجزاك الله خيراً على هذه النصائح القيمة التي أرجو أن تجد آذاناً صاغية، وأن نكون من الذين يسمعون القول ويتبعون أحسنه، ونسأله سبحانه وتعالى أن يلهمك المزيد من الحكمة والفكر النير والرأي السديد، وأن يوفقك لما يُحب ويرضى.. وما توفيقي الا بالله،،