ابناؤنا والميثاق الغليظ
ارتفعت معدلات الطلاق في مجتمعنا بصورة لم نعهدها من قبل ، ونشعر بأن هناك اخطاء تستوجب التصدي لها ومعالجتها ، فمن الخطورة ترك هذا الموضوع يتفاقم امام اعيننا ونقف عاجزين عن ايجاد الحلول المناسبة له ، وتجنيب ابنائنا الوقوع في هذه الهفوات التي تضر بمستقبل الفتيات والشباب على حد سواء ، ولا تساعد على توطيد علاقات اسرية سليمة ، وانشاء جيل معاف يترعرع في مناخ اسري صحيح ، وكم من مشاكل صغيرة ادت الى الطلاق وكان ضحيتها الأبناء ، وكم من شاب بات يعض أصابع الندم ويتمنى لو عاد به الزمن ليتدارك خطأه ويبقي على زوجته واسرته .
ان من ينظر لنسبة الطلاق لدينا عام 1431هـ يجد ان هناك حالة طلاق تتم كل نصف ساعة ، اذ بلغ عدد حالات الطلاق خلال العام 18765 حالة ، فيما بلغ عدد حالات الزواج 90983 بمعدل خمس حالات كل نصف ساعة، وتقع غالبية حالات الطلاق في السنة الأولى من الزواج ، وهي نسبة مرتفعة تستوجب تعاوننا جميعا للتقليل منها ، فالكثير منها ينشأ من مجرد شجار او سوء تفاهم بسيط ، مما يعطي دلالة واضحة بأن شبابنا يدخلون في هذا العقد دون ادنى قدر من الوعي بإهميته ، وانه رابط بين الشاب والفتاة يتم بكلمة الله ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبة الوداع : " استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا ، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله "
اننا نحتاج الى تضافر الجهود لايجاد حلول مناسبة لهذه الظاهرة ، ولاشك انه يبدأ من داخل الأسرة ، التي يجب ان تمد الفتاة والشاب بالقدر الكافي من المعلومات عما هما قادمان عليه ، وكيفية معالجة العقبات التي تنشأ ومن ثم تلافيها ، وان يعداهما اعدادا جيدا لتحمل المسؤولية ، ثم هناك دور مهم للمدرسة اذ يجب ان تحتوي مناهجنا قدرا مناسبا من الارشادات التي تعطى للطالب في السنوات الأخيرة من الثانوية ، بحيث تعده اعدادا مناسبا لتحمل هذه المسؤولية بوعي وثقة وقدرة على معالجة مشاكلها ، وهناك دور اساسي منوط بالاعلام يكمن في استقطاب المتخصصين في قضايا الأسرة والمجتمع لاعداد برامج وندوات تلقي الضوء على هذه الظاهرة بما يساعد على نشر التوعية اللازمة للقضاء عليها من خلال قنواتنا الفضائية التي تصل الى كل بيت .
ومن المفرح ان نرى جهودا لأناس اجتمعوا على الخير لتأسيس جمعيات متخصصة في الاصلاح الأسري ، مثل جمعية المودة الخيرية التي تعمل على الارشاد الأسري واصلاح ذات البين ، والقائمون عليها يسعون بكافة امكانياتهم وبجميع برامجهم وانشطتهم للمحافظة على كيان الأسرة واستقرارها وتفادي ابغض الحلال الى الله ، وقد قمنا في مجموعة دلة بمد اواصر التعاون معهم باحياء برنامج يعنى بإحياء مكارم أخلاق الأسرة ، ورعاية العديد من البرامج الأخرى التي من شأنها المساعدة في التقليل من هذه الظاهرة ، وهناك برنامج طموح لديهم اتمنى تعميمه على جميع مدننا في المملكة وهو عبارة عن دورات تأهيلية للشباب والفتيات الراغبين في الزواج ، فقد قامت ماليزيا بإنشاء مثل هذه الأكاديميات في مدنها لإعداد القادمين على الزواج وتثقيفهم في كل جوانب الحياة الزوجية ، ويدرس الزوجان في اكاديميتن منفصلتين قرابة شهر ثم يعطى الخريج في النهاية شهادة بذلك ، ولا يعقد لأي شخص الا بوجود هذه الشهادة ، وقد قلل تطبيق هذه الفكرة نسبة الطلاق في ماليزيا بنسبة عالية .
فما احوجنا الى تطبيق مثل هذه البرامج في المملكة وحث الشباب الراغب في الزواج على دخول هذه الدورات التأهيلية للحصول على شهادتها مثلما نشجعه على إحضار تلك الشهادة الخاصة بفحص الدم لاتمام عقد النكاح فهي كفيلة بعون الله وبمساندة بقية البرامج التي يقودها المجتمع وباخلاص النيات في تقديم الحول المناسبة لهذه المشكلة التي اخذت تؤرقنا وتقض مضاجعنا .
والله من وراء القصد وهو الموفق والهادي الى سواء السبيل ،،